أسباب الانتحار في المجتمعات الغربية
رغم مظاهر الرفاه والرخاء في المجتمعات الغربية وبريق التقدم المادي ، فإن المجتمعات الغربية تعيش أزمة خطيرة، حتى إن تلك المظاهر تبدو معها مجرد مظاهر خادعة لا ترقى إلى التعبير عن حقيقة ما يعيشه الإنسان في الحضارة الغربية.
فحسب خبراء الصحة في الدول الغربية ومنظمة الصحة العالمية، ومراكز مكافحة ظاهرة الانتحار والمساعدة النفسية، والاجتماعية في ألمانيا وفرنسا ، فإن أسباب الإقدام على الانتحار تختلف من فئة إلى أخرى ، فقد استخلص بحث قام به المعهد الوطني للصحة والبحث الطبي في فرنسا هذه السنة أن 33 في المئة ممن سبق وحاولوا الانتحار كانوا يهربون من المنزل ، و53 في المئة يستهلكون الحبوب المهدئة بإفراط ، و72 في المئة مازوشيون و36 في المئة كانوا ضحايا عنف جسدي و23 في المائة ممن تعرضوا إلى عنف جنسي .
وتتركز أسباب الانتحار وسط المراهقين والشباب في الشعور بالعزلة، وافتقاد الحياة الأسرية السليمة والعاطفية، وعدم الثقة في المستقبل والفراغ، والعنف داخل الأسرة وإدمان الكحول ، أما فئة المسنين فتعود أسباب الانتحار وسطها إلى العزلة والتقوقع على الذات وفقدان الشريك والمساندة العائلية .
ونجد أكثر الأسباب شيوعا هي العزلة التي تكون قاسما مشتركا بين الجميع ، بسب نمط الحياة الغربي الذي ينبني على الفردية المطلقة ، وحسب ما ذكره المعهد الفرنسي للإحصاء ( انسي) في العام الماضي فعدد الفرنسيين الذين يعيشون بمفردهم قد تضاعف بين عامي 1968 و 1990 ، ويعيش 40 في المئة من السويديين و سبعة ملايين بريطاني بمفردهم ، وهو عدد يبلغ ثلاثة أضعاف ما كانوا عليه قبل أربعين سنة ، ووفقا لما جاء في تقرير ( بريطانيا 2010 ) لريتشاردسايكس أستاذ علم السلوك التنظيمي في جامعة كنت ، فإن المساكن التي يعيش فيها شخص واحد فقط ستفوق في عددها تلك المساكن التي تقطنها العائلات والأقران خلال عقد من الزمان ، وفي أحياء لندن الراقية فإن نصف البيوت تقريبا يسكنها أفراد يعيشون وحدهم .